الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
66893 مشاهدة print word pdf
line-top
ترك الخصومات

3- وترك الخصومات والجلوس مع أصحاب الأهواء.


كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن الاختلاف في أمور الدين، وعن الخصومات والجدال في القرآن، فقد روى الإمام أحمد برقم (6702) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لقد جلست أنا وأخي مجلسًا ما أحب أن لي به حمر النعم، أقبلت أنا وأخي وإذا مشيخة من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلوس عند باب من أبوابه، فكرهنا أن نفرق بينهم، فجلسنا حَجْرَةً إذ ذكروا آية من القرآن فتماروا فيها، حتى ارتفعت أصواتهم، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُغْضَبًا قد احمرّ وجهه، يرميهم بالتراب، ويقول: مهلا يا قوم، بهذا أهلكت الأمم من قبلكم، باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضًا، بل يصدق بعضه بعضًا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه .
وفي رواية لأحمد قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم والناس يتكلمون في القَدَر، وكأنما تفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب، فقال لهم: ما لكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض، بهذا هلك من كان قبلكم .
ورواه البخاري في خلق أفعال العباد وابن ماجه وغيرهم.
وهو يدل على ترك الخصومات، والبعد عن أهلها، والنهي عن الاختلاف والرجوع إلى الحق، والحرص على جمع الكلمة، والتقارب بين المسلمين، فإن مرجعهم هو كتاب الله -تعالى- وسُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ومعلومٌ أن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضًا، فمن عرف منه شيئًا وظهر له معناه فليقل به، ومن خفي عليه شيء من معناه فَلْيَكِلْهُ إلى عالمه، وأما أهل الأهواء، فهم المبتدعة ودعاة الضلال، فإنهم غالبًا يموهون على من جالسهم وهم على باطل، فيوهمون الجاهل بأنهم على صواب، فكم انخدع بزخرف قولهم من العوام الخلق الكثير، فلذلك ورد النهي عن مجالستهم حال خوضهم وجدلهم، كما قال الله -تعالى- وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وقال -تعالى- وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وكل ذلك من أجل هجران أهل المعاصي والبدع واحتقارهم والابتعاد عنهم حتى لا تتمكن بدعتهم من المسلمين، وحتى يشعروا بالهوان والصغار.

line-bottom